Wednesday, April 10, 2013

نهي محمود: أخاف من الكتابة السيئة فقط!

هلاوس هي الرواية التي حصدت بها الكاتبة الصحفية الشابة نهي محمود الجائزة الأولي بمسابقة "مجلة دبي الثقافية" لهذا العام. تدور أحداثها في ليلة واحدة تعاني فيها البطلة "أمينة" من الأرق فإذا بها تأخذنا إلي سراديب ذاكرتها فننتقل بين ماضيها و حاضرها وأحلام يقظتها. صدر للكاتبة عدة أعمال منها رواية "الحكي فوق مكعبات الرخام" و رواية "راكوشا" بالإضافة إلي كتاب" كراكيب" و "نامت عليك حيطة" و كان لنا معها هذا الحوار:

اعتمدت أسلوب البوح لكتابة روايتك "هلاوس" ألم تخش الاتهام بالذاتية و إلي أي مدي تتشابه بطلة روايتك معك خاصة أنها كاتبة و روائية؟
بداية الذاتية ليست تهمة ولا التجريب ولا حتي اختراع العوالم، فالتهمة الوحيدة التي أري أنها تستحق أن نخاف بشأنها ككتاب هي الكتابة السيئة. أظن أن عوالم النساء تتشابه بشكل مربك، و أعرف بيني وبين بطلتي ذلك الخيط من الشبه، فكلانا تعاني الأرق ذاته بشأن الكتابة، الحنين للغائبين. لكنها تعاني مشاكل أكثر وجعا، كما أن تركيبتها النفسية أكثر هشاشة مني، فأنا أعتبر نفسي أقوي منها ربما بخطوتين.

عانت "أمينة" بطلة روايتك من ليلة كبيسة، حاولت أن تنام فيها فإذا بك تحولين ليلتها إلي عالم واسع يسمح للقارئ أن يتعرف علي ماضيها، حاضرها، و يغوص في بحر أفكارها و أحلام يقظتها؟
تركت لبطلتي وللرواية اختيار منطقتها في البوح، هي كانت تقضي ليلة شتاء كانت فيها وحيدة وحزينة، منطقي جدا أن تفكر في الفقد وربما تنشغل بالرغبة، في أحد، جسد أخر، روح، ربما كانت هناك بعض الحسية في الكتابة لكنها تعكس جزء من الحالة العامة لليلة، لم استطع تجاهلها.
بعض المقاطع داخل النص السردي تتسم بالجرأة الشديدة، ألم تخش أن يعتبرها البعض نوعاً من الكتابة الإروتيكية؟
بخصوص الجرأة أنا اعتبر الكتابة فعل في منتهي الشجاعة، شجاعة أن تقدم للعالم ما يحرص هو علي إخفاءه جيدا، تتماس مع هواجس ومخاوف البشر، نقاط ضعفهم، المقاطع التي أشرت لها كانت جزء من بازل شخصية بطلتي، قطعة من أفكارها، ربما نحاول في الحياة الحقيقة أن نزينها نمنحها الرتوش لكن في الفن و الكتابة ربما هو مكانها للظهور. أحاول في كتابتي عن المرأة أن انبش عن المسكوت عنه ربما يكون الإشارة له طريقة ما لنجد سبيل علاج الوجع والارتباك.
رغم تحرر "أمينة" من القيود المجتمعية حتي أن والدها قاطعها، إلا أن أفكارها في ما يخص علاقة الرجل بالمرآة ربما تكون كلاسيكية حالمة أكثر من اللازم، فهي تبحث عن رجل مثل المحاربين القدامي و تظن أن الرجال هذا الزمان "أرواحهم هشة و نفوسهم خربة".
كل النساء يبحثن عن رجال محاربين، أنا شخصيا أبحث عن رجل يجيد لعبة الاستغماية تلك التي كنا نلعبها صغارا، لأن الحياة تبقينا مختفين جميعا، من السهل أن نضيع وأنا ابحث عن رجل يعرف أن يجدني عندما أتوه. فكل النساء وبطلتي معهم تبحث عن رجل يحتوي ضعفها. ليست هناك تعارض بين التحرر والاحتياج للأمان والدفء مع رجل قديم.
علاقة البطلة بيحيي جاءت متوازية مع علاقتها بصديقاتها القدامي، فرغم اختلاف الرؤي والشخصية بينها و بين يحيي كان هناك انسجام في العلاقة و الاختلاف كان ذات السبب الذي جعل صديقاتها يقطعن علاقتهن بها.
الاختلاف لم يكن السبب للوفاق بينها وبين يحيي ولم يكن هو السبب في خلافاتها مع صديقاتها، الحرية كانت هي المأزق. فيحيي يحررها، يتركها علي راحتها، أما الصديقات كن يبحثن عن دور الوصاية، ومع شخصية مثل بطلتي ذلك يضغط علي روحها ويصيبها بالنفور.
الجدات و حكاياتهن كانت إحدي التيمات التي لعبت عليها لإدخال جو من الأسطورية علي النص، حدثينا عنها؟
الأساطير عندي لا تجئ من كتب الحواديت، وإنما من الحياة، الواقع الأكثر غرائبيه من السحر والجنون، أنا مولعة بالنساء الحكاءات نصف وعيي تشكل من الاختفاء في حضن امرأة تجيد الحكي هي جدتي وأمي وخالتي ونساء عائلتي وأمهات وجدات صديقاتي.. جلسات مثل تلك عندما يمر عليها الزمن وأسترجعها في ذاكرتي، ببعض الضبابية، وحيل الذاكرة تبدو مغرية للكتابة وباعثة علي التخيل واللعب.
إلي أي مدي أثر وجود أمينة في بيت العائلة الكبير علي شخصيتها التي ظهرت محبه للجو العائلي خاصة و أنها سمته في بعض المقاطع "بيت الأشباح"؟
هذا السؤال يطرح إشكالية لا أجد لها إجابة، هل نحتفظ بالأماكن داخلنا أم نحيا فيها.. الأماكن تبقي في قلوبنا، الردهات القديمة، وأماكن الطفولة، والثنيات التي ضمتنا في لحظات الحزن، ومواطن دق الأقدام في لحظات الفرح. البيت كان داخلها، وكانت داخله، هي في لحظة الكتابة تلك كانت تبدو حبيسة فيه باختيارها، غادر الجميع بالموت أو الرحيل، وبقت هي. لتحتفظ بذلك العالم وتلك الأجواء ربما كان ذلك هو ما حدث. وربما كانت تلك هي لعبة البيت وأشباحه للإبقاء علي أحد الأحياء ، هل أجد إجابة حاسمة أظنني لا أعرف.
في روايتك أعتبرت أن الكتابة نوعاً من أنواع المس، فهل تعتبرين نفسك أحد هؤلاء الممسوسين؟
أنا أحب الكتابة، ليتها تمنحني ذلك المس وتفتح لي شرفة الحكايات.
 

No comments:

Post a Comment