Wednesday, April 10, 2013

محمد محمد مستجاب: لا أعرف المتاجرة بالأدب



محمد محمد مستجاب كاتب شاب, ورث صنعة الأدب عن والده الكاتب الكبير الراحل محمد مستجاب. يكتب الرواية و القصة و السيناريو و المقال النقدي بنفس البراعة فنال جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة – قسم الإعداد المسرحي عن نص رواية ( مستجاب الفاضل ) للأديب / محمد مستجاب – بعنوان ( الفاضل ) لعام 2007 ثم فائز بمسابقة نادي القصة لعام 2007 عن قصتي ( المجد – الأريكة ).
كما حاصل على جائزة إحسان عبد القدوس في القصة القصيرة عن قصة (التتار) لعام 2008. ثم جائزة –اتحاد كتّاب العرب - القصة عن مجموعة قصص ( وصايا غير معلنة) 2008 و جائزة هيئة قصور الثقافة في القصة القصيرة عن مجموعة قصص (ثعبان يبحث عن مشط) لعام 2008. كما نال جائزة أحسن سيناريو في مسابقة عبد الحي أديب بمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لعام 2009 عن سيناريو فيلم ( حلم حمادة وميمي ). و جائزة يوسف ابورية للرواية الدورة الأولي لعام 2010 ثم جائزة إحسان عبد القدوس في الرواية عن عام 2012. و أخيراً حاصل على جائزة فلسطين الدولية للرواية " غسان كنفاني " للسرد القصصي " الدورة الأولي عام2012 عن رواية " قرية ليس بها رجل". هنا حوار معه.
                
أنهيت كتابة الرواية الفائزة بالجائزة 2009، وهي تبدو مثل ملحمة حول الحرية والظلم والثورة هل يعني ذلك إنك استشرفت ثورة يناير ؟
أولا أحب ان اخبرك ان نص الرواية كان عبارة عن قصة قصيرة، ولكن نبهني مجموعة من الاصدقاء والنقاد الى انها مخطوطة لرواية ويجب العمل عليها، ظلت الرواية في درجي، الى ان قامت ثورة يناير، فؤجئت بالكثيرين يتاجرون بنصوصهم وانهم تنبؤا بالثورة في اعمالهم، وعندما اخبرني اكثر من صديق بذلك عن روايتي، لم احب ذلك، فالذي يقول عن عمل هو القاريء، وليس صاحبه، لانني لا اعرف المتاجرة بالادب.

تبدو الرواية بسيطة لكن في عمق النص الحكاية أكثر تعقيداً.. إلى أي مدى تعمدت أن تصنع مستويين للحدث في الرواية؟
في البداية، انا كنت مرعوب ان اكتب رواية، ولم اكن اعرف ماذا افعل، ولم اري امامي اي شيء، وقد اخذت وقت كبير في كتابتها ثم تركتها ثم عاودت الكتابة بها مرة اخري، فقد كنت اريد ان اصنع سيرة شعبية من تلك الرواية، اي العب على نصوص مقابلة مثل حسن ونعيمة او ياسين وبهية، لانني كنت ابحث عن نص مصري 100 في المائة، لكن الاشكالية في طرح الموضوع كانت صعبة جدا، لان مستوي طرح ما يدور في الوطن على ارض نص، دون ان يكون مباشر ولغة يومية بسيطة، سوف تفقده الكثير من قوته، لذا يبدوا انه على مستويين، قصة شعبية وقصة حب، لكن الناحية الاخري هي قصة وطن، يبدو انه مات ولم يعد احد يسأل فيه، وان شعبه مات، اضف الى هذا أنني كنت اريد اكتشاف القوة الكامنة في هذا الشعب، حتي ينتبه اي شخص قادم لهذا، فنحن دولة عظيمة جدا وشعبها يمتلك كل مقومات النجاح، فأنا استطيع ان اقول اننا شعب عبقري، واقصد حركة المجموعة، لكن العبقرية لها اتجاهين يمكن ان تكون عبقرية ايجابية وهذا ما شاهدنا في الثورة، وعبقرية سلبية وهذا ما شاهدنا في اختيارنا للرئيس في صناديق الاقتراع.

"قتلنا صبرية والحمد لله، غسلناها بدموع الخوف، وكفناها بصمت حكمتنا، وأطلقنا خلفها بعض الصراخ كلحن أساسي للوداع، وسار هارون في جنازتها ساكنا، منحني الرأس، كابي النظرة، دامع العيون"..هل تموت الأوطان حين تغيب عن شعبها روح الثورة؟
بالتأكيد.. انظري الى مصر قبل 25 يناير وبعدها، فأنا يوم 11 فبراير ونحن نحتفل برحيل مبارك اخبرتهم ان عمري الآن 26 عاماً، اي انني صغرت عشرة سنوات، هو العمر الذي سرق مني، وهذا ما لا يريد ان احد يفهمه الجميع يبحث عن الاشياء المادية، لكن سرقة الزمن والعمر، ليبس للاشخاص بل للاوطان هذه كارثة الكوارث.نحن كنا نتحايل على الحياة كي يمر يوم، صحيح تعمل لكن جيبك ليس به نقود، تُعالج ولا تخف، تحب ولا تتزوج، تحارب ولا تنتصر.. هكذا تسرق الاوطان، لان السرقات المادية يمكن تعويضها، اما عمر الوطن المسروق والمسلوب فلا احد يستطيع ان يعوضه.

"والميدان: جسده النحيل الأسمر، الذي يود أن يبدو سليماً قوياً، وعيونه الرملية التي تتعاشق مع أشعة الغروب، فتريق على شاطئه حمره حزينة باكيه" استخدمت الرمزية في نصك فصنعت من الوطن صبية جميلة و من ميادين الثوار رجل قوى و من الأنظمة القمعية عائلة..حدثني عن ذلك.
كما قلت لك: كنت اريد صنع سيرة شعبية وجزءاً من السيرة انها من الواقع وتعيش مهما مر من سنوات، بالإضافة الى انها لكل انسان على مستوي العالم وفي اي زمان، تلك كانت الافكار الاساسية في النص، فاذا كنتي تريدي ان تلبسي الرواية الواقع، فتصبح صبرية مصر وهارون شعب مصر وعائلة الجربان مبارك وحاشيته، فهذه نظرة صائبة لكنها ضيقة للنص، لان النص الروائي في رائي نص لكل الشعوب المتاشبهة على مستوي الكون، بمعني انك ستجدين هذا في الارجنتين والمكسيك ومعظم شعوب افريقيا، فالظلم لا يتجزأ لكنه يختلف في طرقه، كذلك البطولة لا تتجزأ لكنها تختلف، والحب وهكذا.

"الحزن شيء غامض شديد الوضوح، جارح شديد الرقة، بذئ شديد الاحتشام، هامس بالغ الصراخ، بليد قوي الذكاء" جملة مكتوبة بمجموعتك "باب للدخول" هي تقريباً نفس لغة الرواية شعرية و حالمة هل ترى أن اللغة أضافت للسرد؟
بالتأكيد، فأنا اعلم ان الرواية نص وتشكيل لغوي قبل اي يكون تجربة ابداعية او حدوته تحكي وتروي، لذا كنت أريد لغة غير عادية وان كانت تبدو في بعض الاوقات قديمة او فخمة، لانني احكي حكاية، سيرة من لحم ودم، حياة على الأرض بكل تفاصيلها واشخاصها، لان الواقع المعاش اكثر قسوة مما يكتب، وانا كنت احاول ان اجاري الواقع بكل جبروته وكل قسوته، لذا كنت اريد ان ادخل معركة لغوية قبل ان احكي الحكاية.
مزجت الغرائبية بالواقعية في روايتك و استخدمت ذات الأسلوب في مجموعتك " ثعبان يبحث عن مشط" إلى أي مدى تجد هذا الأسلوب يضيف لروح النص؟
مستجاب الاب هو المؤسس الأول لذلك، لكن نقادنا رحمهم الله يحبون ان نكون في الدرجة الثالثة دائما، وهذه عقدة الخواجة، اي يجب ان يقول ان شبه هذا، او اقتبس هذا، لكن ان نكون نحن الدرجة الأولي، فلا.
واتذكر كلمة قالها جابر عصفور بعد رحيل مستجاب وأكده الدكتور حامد أبو احمد "كيف نترجم ماركيز ولدينا مستجاب"، وانا لم افعل شيئا، انا كنت احب ان ارسل رسالة لمستجاب الاب انه كان على صواب، واننسي اسير على نفس الدرب، اما بالنسبة للنص، فأنا لم ادخل اي شيء جديد غير انني يجب ان اجذب القارئ واجعله مستيقظ لكل كلمة في النص، لانه لو غفل اما ان اضحك عليه واما ان لا يفهم ما هو مكتوب، ومن ناحية اخري، مازال القاري واقع في قراءة او سماع الحدوتة، لا يريد التشظي ولا يريد الخروج عن القضبان، وانا احب ان اضع القارئ امامي لان النص له، فأنا اقول له هذه حكايتك، وهذه مصيبتك وهذا طريقه نجاتك لو تمسكت بها.

فى روايتك بعض المقاطع "الإيروتكية" هل هي لعبة دمج السياسة بالجنس؟
السياسة فن، ونحن عندما نضعها على الأرض تتحول لجنس، شخص يدور ويلف حولك، يعاكسك ويغيرك حتى تقع في شباكة، وفي النهاية اما ان يتزوجك رسمى او عرفي، انا اضحك، لم اكن اقصد هذا بالضبط فالجنس شيء أساسي لكني عند الكتابة لا أفكر فيه مطلقا... مثلا الفصل الذي يمارس فيه هارون الجنس من جنينه صبرية هو من باب أن تمده بالشجاعة وإيقاظ روحه مرة أخري بعد ما كانت تسخر منه. لكني لم اقصد جنس فج ومباشر.

هارون بطل الرواية..هل يشبهك؟
أنا هارون... جملة كانت تتردد داخلي اثناء كتابة الرواية او بعد الانتهاء منها او عندما احاول قراءتها للحذف او الاضافة، فالمرار الذي حمله هارون على كتفه بعد قتل صبريه وخذلان القرية له، لا يوازي المرار الذي حملته بعد رحيل والدي وفقدي حبيبتي، لقد ظللت حزيناً جدا من العالم حولي، ولم تخرج روحي ألا عندما نزلت ميدان التحرير في ثورة يناير، ثم ألتقيت بحبيبتي .

"قرية ليس بها رجل" اسم صادم.. هل تغازل به القارئ العادي ؟
لا.. البعض عندما يقرأ الاسم يعتقد انها رواية عن الجسد او الجنس، حتي لجان القراءة في المسابقة قالت هذا، لكنهم عندما قرأوا الرواية لم يجدوا هذا، والعنوان وان كان يبدو صادم، الا انه حقيقة فالنص قام عليها وهي جملة تقولها صبرية لذا كان يجب ان تقتل، وعندما ماتت يتأكد هارون ان الكلمة حقيقة وانها فعلا قرية ليس بها رجل، لان الجميع خائف ويأكلهم الجبن، لذا كان يجب على هارون ان يوقظهم بعصاه للقيام بالثورة والاطاحة بعائلة الجربان، حتي يستطيع ان يزيل تلك الصفة عن هذه القرية التى يعيش فيها.
حدثنا عن علاقتك بوالدك الكاتب الراحل محمد مستجاب و كيف أثر فيك؟
كانت علاقتي بوالدي، علاقة ناقر ونقير، شد وجذب دائم، وكأننا طرفي نقيض، شمال يمين، فاذا طلب شيء مني، ارفضه او انفذه بضيق، لكن الحقيقية انني كنت انفذه من وراء ظهره، ألا انه بعد رحيل مستجاب وجدت انني خسرت كثير بهذا، فأنا انفذ كل ما كان يطلبه او يتمناه، لأنه كان انسان حقيقي جدا، ووجهة نظره في الحياة صحيحة، فيكفي انني تعلمت منه كيف استقبل شمس الصباح وكيف اتعامل مع الكون حولي، فهو صح مائه في المائة واي نجاح لي الآن هو من مستجاب الأب، فهو يمد يده ليّ من قبره كل فترة، ليس لي بل لكل الناس الذين يعرفونه، فانا افرح جدا عندما يتصل بي احد في انه وجد ضالته او علاجه في احد اسطر مستجاب، لقد كان رجلا عظيما.فهو يقول لك اسمع موسيقي كذا، اقرا هذا، زور اقاربك، تكلم هكذا، اذهب وشاهد هذا. وذلك كي تتعلم، لأنه لم يجد تلك الاشياء في حياته المبكرة، لقد عاش حياة قاسية جدا جدا، لذا كان يندهش عندما تكون تلك الاشياء حولنا ولا نستخدمها بطريقة صحيحة.

لو كان على قيد الحياة الأن هل كنت ستستشيره فى ما تكتبه قبل النشر؟
كنت سأستشيره على مستوي الافكار فقط، انما عرض الاشياء عليه فأنا لا أجرؤ على هذا، مستجاب كان لديه بعض الاسس التى لا يحيد عنها، واتذكر انني كنت قد كتبت معالجة تلفزيونية وعرضتها عليه، اعجب بها، وقال لي: لا تعرضها على الكثيرين حتي لا يسرقوها، لكني كنت اخشي ان اعرض عليه مقال او قصة.

تكتب القصة القصيرة و السيناريو و الرواية.. أيهما أقرب لروحك؟
كل كتابة لها طعم، وهذا يعود للموضوع الذي اريد ان اطرحه، فأنا لم اكن افكر ذات يوم في كتابة قصة او رواية، حلمي الكبير هو السينما و التلفزيون، لكن مجالهما صعب للغاية، بسبب الشللية و المكائد، فلا يجب ان تتحصن بمبادي مستجاب وانت تدخل هذا العالم، لكني استمتع فقط بما افعله، واتمني ان اركز الفترة القادمة للدراما سواء سينما او تليفزيون.
واعترف أن أصعب كتابة اقابلها هي القصة، كل شيء تريد ان تقوله في سطور قليلة، قوة الكلمة يجب ان تكون حادة، الفكرة يجب ان تكون واضحة، اما الرواية فهي الجحيم الذي اعانيه بحق، ولدي الان بعض الافكار التى اريد ان اطرحها، فاذا كنت انحاز للقصة الا ان الرواية قادرة على صنع التاريخ.. اما السينما والتلفزيون فهو القدرة على الدخول لكل الناس.. وسوف افعلها قريبا بإذن الله.
 الجوائز الأدبية هل تضيف للكاتب أم تأخذ منه؟
هذا سؤال ليئم.. لانني لم اجد امامي احد ينظر علىّ بسبب مستجاب، ووصلتني اتهامات من البداية ان هذه اعمال او قصص مستجاب، لذا كتبت كثيرا وفي جميع المجالات وكنت ارسل العمل للجوائز باسم محمد محمد احمد، اي ليس به مستجاب، لكني اجد الصحافة تعنون الخبر باسم مستجاب، نعم اعاني من اسم مستجاب، لكني اخشاه بشدة.الجوائز هي الطبطبة التى تأتي في وقت لا احد ينظر عليك، وانا كنت اريد ان اجذب النقاد والقراء بعيدا عن مستجاب، فأنا كتبت للأطفال, رواية وقصص ومقالات وكتبت مسرح وسيناريو، كل ذلك كي تعترف بي الاسرة، ثم يعترف بى العالم، لان اي شخص يحاول ان يجرحني، ارد عليه مثلا مستجاب لم يكتب سيناريو او رواية للاطفال.لقد عانيت من اسم مستجاب، مع انني كنت اتصور انه سوف يفتح لي الابواب، الا انه اغلقها في وجهي، واتذكر احد كبار كتابنا وهو يصرخ في: لا نريد مستجاب اخر يستولي على كل شيء، انها الموهبة ونحن هنا نحارب الموهبة بشدة، لذا أستخدم الكثير من الحيل للنشر او للتقدم لجائزة، واحاول ان اذكر دائما، وانا اهدي اي نجاح حصلت عليه لولدي محمد مستجاب فأنا صناعة مستجابية مائة في المائة، ومع ذلك اشعر انني ابلد تلميذ في مدرسة مستجاب.. رحمه الله عليك يا والدي.

نلت جوائز عديدة عن أعمالك الأدبية لكنك فضلت النشر الحكومي..لماذا؟
أولا أعترف بأني لا أعرف الطريق للنشر الخاص إطلاقا، ثانيا أنا أريد أن يكون كتابي بجنيهين أو ثلاث كي يصل للقارئ العادي.

ولماذا صار هناك نجوم في سماء الأدب بينما ظل آخرون في الظل؟
صاروا نجوماً لأن لديهم القدرة على الكتابة و التسويق في نفس الوقت. أما أنا فلا أجيد هذه اللعبة, و أفضل أن أجاهد على الورقة البيضاء.



«صامويل شمعون»: روايتى الجديدة تكشف الفساد والكذب فى بعض المنظمات الفلسطينية


صامويل شمعون، كاتب عراقى، ولد عام 1956 لأسرة آشورية فقيرة، غادر العراق عام 1979 وعاش بدول عربية كثيرة منها سوريا ولبنان، ثم انتقل إلى باريس إلى أن استقر فى بريطانيا منذ عام 1996. حلم بأن يصبح مخرجاً سينمائياً ولكنه فشل فاتجه إلى العمل الأدبى. له رواية باسم «عراقى فى باريس» أثارت جدلاً واسعاً فور صدورها، ولاقت استحسان الكثيرين وهى تعد سيرته الذاتية كتبها بالعربية وصدرت عام 2005 ثم ترجمت للإنجليزية والفرنسية والسويدية.. وشمعون هو مؤسس موقع «كيكا» أبرز مواقع الثقافة العربية على الإنترنت كما أنه أطلق مؤخراً دار نشر فى باريس. «المصرى اليوم» حاورت صامويل شمعون حول تأسيس الدار وعن «كيكا» والنشر 
على الإنترنت وعن روايته الجديدةالتى تصدر قريباً


■ لماذا فكرت فى إنشاء دار نشر بفرنسا؟
- الموضوع له قصة طريفة، إذ كنت أعمل مع رجل من أصل عربى يملك مطبعة ولا يملك المال لكى يعطينى أجرتى، فى هذا الوقت كنت شخصا بلا إقامة ولا بيت فاتفقت معه على أننى سأقوم بطبع الكتب فى مطبعته وأنشرها لحسابى، إذ كنت على علاقة ببعض المثقفين بعد أن فشلت فى السينما ومن خلال تلك العلاقة كانوا يأتون إلى لأطبع لهم كتبهم وفى المقابل يأخذوننى للمطعم. ورغم حاجتى حاولت نشر الأدب الجيد.

■ بما أنك مؤسس موقع «كيكا» الثقافى كيف ترى المشهد الثقافى العربى الآن؟
- أنا مهتم جداً بالأدب العربى، ومعظم الأدباء أصدقائى وللحق أنا فخور جداً بالدور الذى أقوم به فى نشر الأدب العربى الجيد من خلال هذا الموقع. فالأدب العربى يتطور بشكل مذهل، رغم أن بعض المثقفين منزعجون جداً من شباب الأدباء لأنهم تحرروا من سطوة الشعر القديم والبلاغة، وأصبحوا يكتبون بشكل مباشر ويعبرون عن قضاياهم ويكتبون الواقع وليس الحلم، فهم يكتبون بجملة أنيقة ومختصرة. ورغم ذلك أفضّل أن يكون لكل جنس أدبى هويته وبناؤه، فالقصة القصيرة لابد أن تكتب بشكلها المتعارف عليه وهكذا بالنسبة للرواية والشعر، كل ما أقوله أن علينا التحرر من قيود اللغة.

■ هل تعتقد أن هذا يعد سبباً لانتشار ترجمة أعمال شباب الأدباء؟
- بالفعل وإن كنت لا أحبذ أن يسعى الكاتب لترجمة أعماله، فالترجمة من الأشياء التى تأتى فى وقتها. فأنا على سبيل المثال لم أفكر يوماً فى السعى لترجمة ما أكتبه. هناك ترجمات لكتاب كثيرين مثل منصورة عزالدين، أحمد العايدى وحمدى أبوجليل، لكن علينا أن ندرك أن حركة الترجمة لا تستطيع استيعاب جميع الأعمال الحديثة.

■ وهل يساهم موقع «كيكا» فى مسألة اختيار النصوص المترجمة لصالح مجلة بانيبال الإنجليزية التى تشرف عليها؟
- بالطبع، لقد ترجمنا ونشرنا فى المجلة العديد من النصوص التى نشرت أساساً فى الموقع، وللعلم ساهم الموقع فى شهرة عدد كبير من الكتاب الشباب الذين أصبحوا يتنكرون له، وهذا الأمر يحزننى كثيراً.

■ ما الذى كنت تتمنى أن يفعلوه؟
- أخلاقياً كان عليهم التنويه داخل الكتاب بأن النص نشر بموقع «كيكا»، بالإضافة إلى كتابة تاريخ النشر لأن ذلك يساهم فى تعريف الناس بأهمية الإنترنت فى حياتنا الثقافية والإبداعية.

■ ألا تعتقد أن السبب فى ذلك يرجع لعدم اعتراف الكثيرين بفكرة النشر على الإنترنت؟
- أعرف أن النشر الإلكترونى لم يأخذ بعد بطاقة الاعتماد، ولكن على الناشرين استيعاب مدى أهميته، بالإضافة إلى عالمية الأدب المنشور على الإنترنت، فالنص الذى ينشره كاتب مصرى على مدونته اليوم سوف يقرؤه فى ذات اليوم التونسى واللبنانى حتى وإن كانوا يعيشون فى دول غربية، بالإضافة إلى أن القارئ سيتمكن من مراسلة الكاتب ومناقشته فى النص. فى السابق كان الأديب يكتب وبالكاد تقرأ عمله جنسيات عربية أخرى وربما بعد سنوات من نشر النص. إذن علينا الاعتراف بأهمية وفاعلية هذه الوسيلة. وعلى مسؤوليتى أقول إن شبكة الإنترنت صنعت الأدب العربى الجديد كما صنعت علاقات قوية بين الكتاب فى جميع أنحاء العالم.

■ لديك رواية جديدة بصدد النشر.. حدثنا عنها؟
- الرواية تتحدث عن شاب عراقى يلتحق بالعمل الفدائى الفلسطينى فى السبعينيات، ثم يلتحق بمنظمة التحرير فى بيروت، ومن خلال هذه الشخصية أكشف الحياة اليومية للمقاتلين والفدائيين فهناك جزء يتحدث عن العوالم السرية والعلاقات الإنسانية والعاطفية بين المقاتلين والنساء، بالإضافة إلى مجريات الأمور فى المنظمات الفلسطينية والأحزاب السياسية المتواجدة فى بيروت فى ذلك الوقت كما أننى اهتممت كثيراً بالكتابة عن الأجواء السياسية والانعكاسات الدولية على العمل الفدائى الفلسطينى. ومن خلال قصة هذا الشاب سنتعرف على طريقة العمل بين المنظمات الفلسطينية واللبنانية والقيادات المشتركة، فالرواية ستكشف بعض الفضائح الخاصة بتلك المنظمات والأعمال غير الأخلاقية التى كان يقوم بها بعض القادة، كما ستكشف الكثير والكثير من الكذب والادعاءات والفساد الذى كان مستشرياً عند هؤلاء الناس.

■ هل يمكن أن نعتبر الرواية جزءا من سيرتك الذاتية مثل رواية «عراقى فى باريس»؟
- بالفعل الرواية بها جزء كبير من سيرتى الذاتية وتجربتى التى مررت بها حينما تطوعت للعمل مع المنظمات الفلسطينية، كما أن هناك كشفاً لكثير من الشخصيات الحقيقية. والطريف أن موقع جوجل ساهم فى كتابة الجزء الثانى من روايتى، لأننى بدأت أبحث عن بعض الأشخاص الذين عرفتهم قبل 30 عاماً وكانوا أناساً بسطاء فاكتشفت من خلال البحث أنهم أصبحوا أثرياء جداً ولديهم شركات ضخمة كما وجدت مقالات تتهمهم بالفساد 

نهي محمود: أخاف من الكتابة السيئة فقط!

هلاوس هي الرواية التي حصدت بها الكاتبة الصحفية الشابة نهي محمود الجائزة الأولي بمسابقة "مجلة دبي الثقافية" لهذا العام. تدور أحداثها في ليلة واحدة تعاني فيها البطلة "أمينة" من الأرق فإذا بها تأخذنا إلي سراديب ذاكرتها فننتقل بين ماضيها و حاضرها وأحلام يقظتها. صدر للكاتبة عدة أعمال منها رواية "الحكي فوق مكعبات الرخام" و رواية "راكوشا" بالإضافة إلي كتاب" كراكيب" و "نامت عليك حيطة" و كان لنا معها هذا الحوار:

اعتمدت أسلوب البوح لكتابة روايتك "هلاوس" ألم تخش الاتهام بالذاتية و إلي أي مدي تتشابه بطلة روايتك معك خاصة أنها كاتبة و روائية؟
بداية الذاتية ليست تهمة ولا التجريب ولا حتي اختراع العوالم، فالتهمة الوحيدة التي أري أنها تستحق أن نخاف بشأنها ككتاب هي الكتابة السيئة. أظن أن عوالم النساء تتشابه بشكل مربك، و أعرف بيني وبين بطلتي ذلك الخيط من الشبه، فكلانا تعاني الأرق ذاته بشأن الكتابة، الحنين للغائبين. لكنها تعاني مشاكل أكثر وجعا، كما أن تركيبتها النفسية أكثر هشاشة مني، فأنا أعتبر نفسي أقوي منها ربما بخطوتين.

عانت "أمينة" بطلة روايتك من ليلة كبيسة، حاولت أن تنام فيها فإذا بك تحولين ليلتها إلي عالم واسع يسمح للقارئ أن يتعرف علي ماضيها، حاضرها، و يغوص في بحر أفكارها و أحلام يقظتها؟
تركت لبطلتي وللرواية اختيار منطقتها في البوح، هي كانت تقضي ليلة شتاء كانت فيها وحيدة وحزينة، منطقي جدا أن تفكر في الفقد وربما تنشغل بالرغبة، في أحد، جسد أخر، روح، ربما كانت هناك بعض الحسية في الكتابة لكنها تعكس جزء من الحالة العامة لليلة، لم استطع تجاهلها.
بعض المقاطع داخل النص السردي تتسم بالجرأة الشديدة، ألم تخش أن يعتبرها البعض نوعاً من الكتابة الإروتيكية؟
بخصوص الجرأة أنا اعتبر الكتابة فعل في منتهي الشجاعة، شجاعة أن تقدم للعالم ما يحرص هو علي إخفاءه جيدا، تتماس مع هواجس ومخاوف البشر، نقاط ضعفهم، المقاطع التي أشرت لها كانت جزء من بازل شخصية بطلتي، قطعة من أفكارها، ربما نحاول في الحياة الحقيقة أن نزينها نمنحها الرتوش لكن في الفن و الكتابة ربما هو مكانها للظهور. أحاول في كتابتي عن المرأة أن انبش عن المسكوت عنه ربما يكون الإشارة له طريقة ما لنجد سبيل علاج الوجع والارتباك.
رغم تحرر "أمينة" من القيود المجتمعية حتي أن والدها قاطعها، إلا أن أفكارها في ما يخص علاقة الرجل بالمرآة ربما تكون كلاسيكية حالمة أكثر من اللازم، فهي تبحث عن رجل مثل المحاربين القدامي و تظن أن الرجال هذا الزمان "أرواحهم هشة و نفوسهم خربة".
كل النساء يبحثن عن رجال محاربين، أنا شخصيا أبحث عن رجل يجيد لعبة الاستغماية تلك التي كنا نلعبها صغارا، لأن الحياة تبقينا مختفين جميعا، من السهل أن نضيع وأنا ابحث عن رجل يعرف أن يجدني عندما أتوه. فكل النساء وبطلتي معهم تبحث عن رجل يحتوي ضعفها. ليست هناك تعارض بين التحرر والاحتياج للأمان والدفء مع رجل قديم.
علاقة البطلة بيحيي جاءت متوازية مع علاقتها بصديقاتها القدامي، فرغم اختلاف الرؤي والشخصية بينها و بين يحيي كان هناك انسجام في العلاقة و الاختلاف كان ذات السبب الذي جعل صديقاتها يقطعن علاقتهن بها.
الاختلاف لم يكن السبب للوفاق بينها وبين يحيي ولم يكن هو السبب في خلافاتها مع صديقاتها، الحرية كانت هي المأزق. فيحيي يحررها، يتركها علي راحتها، أما الصديقات كن يبحثن عن دور الوصاية، ومع شخصية مثل بطلتي ذلك يضغط علي روحها ويصيبها بالنفور.
الجدات و حكاياتهن كانت إحدي التيمات التي لعبت عليها لإدخال جو من الأسطورية علي النص، حدثينا عنها؟
الأساطير عندي لا تجئ من كتب الحواديت، وإنما من الحياة، الواقع الأكثر غرائبيه من السحر والجنون، أنا مولعة بالنساء الحكاءات نصف وعيي تشكل من الاختفاء في حضن امرأة تجيد الحكي هي جدتي وأمي وخالتي ونساء عائلتي وأمهات وجدات صديقاتي.. جلسات مثل تلك عندما يمر عليها الزمن وأسترجعها في ذاكرتي، ببعض الضبابية، وحيل الذاكرة تبدو مغرية للكتابة وباعثة علي التخيل واللعب.
إلي أي مدي أثر وجود أمينة في بيت العائلة الكبير علي شخصيتها التي ظهرت محبه للجو العائلي خاصة و أنها سمته في بعض المقاطع "بيت الأشباح"؟
هذا السؤال يطرح إشكالية لا أجد لها إجابة، هل نحتفظ بالأماكن داخلنا أم نحيا فيها.. الأماكن تبقي في قلوبنا، الردهات القديمة، وأماكن الطفولة، والثنيات التي ضمتنا في لحظات الحزن، ومواطن دق الأقدام في لحظات الفرح. البيت كان داخلها، وكانت داخله، هي في لحظة الكتابة تلك كانت تبدو حبيسة فيه باختيارها، غادر الجميع بالموت أو الرحيل، وبقت هي. لتحتفظ بذلك العالم وتلك الأجواء ربما كان ذلك هو ما حدث. وربما كانت تلك هي لعبة البيت وأشباحه للإبقاء علي أحد الأحياء ، هل أجد إجابة حاسمة أظنني لا أعرف.
في روايتك أعتبرت أن الكتابة نوعاً من أنواع المس، فهل تعتبرين نفسك أحد هؤلاء الممسوسين؟
أنا أحب الكتابة، ليتها تمنحني ذلك المس وتفتح لي شرفة الحكايات.
 

Tuesday, April 9, 2013

وريث ساراماجو في حوار خاص مع أخبار الأدب:


الروائي البرتغالي جوزيه بيكسوتو: أر بع أبيات شعر ية توازي رواية طويلة!
جوزيه لويس بيكسوتو كاتب برتغالي شاب, درس الأدب الإنجليزي و الألماني المعاصر بجامعة نوفا دي ليشبونه. صدر له عدة روايات بالإضافة إلي المجموعات القصصية و الدواوين, تم ترجمة أعماله لثمانية عشرة لغة أجنبية. يقترن أسمه دائماً بالروائي البرتغالي الراحل جوزيه سارماجو حيث يتنبأ له الكثيرون بمستقبل أدبي باهر, كما صار يُعرف بحاصد الجوائز, حصل علي جائزة " سارماجو لأدب الشباب" عام 2001 عن روايته الأولي " نظرة فارغة", كما حصل عن رواية "مقبرة البيانو" علي جائزة أفضل كتاب مترجم بأسبانيا عام 2007, دخلت أعماله 
ضمن قائمة الأعلي مبيعاً بحسب جريدة " فانينشال تايمز" الإنجليزية.









في البداية، كيف يحب جوزيه لويس بيكسوتو أن يقدم 
نفسه للقارئ المصري؟
أنا كاتب برتغالي، ولدت عام 1974، بدأت في نشر أعمالي الأدبية عام 2000 و منذ هذا الوقت كتبت عدة أعمال بأكثر من شكل إبداعي مثل النثر، الشعر، و المسرح. ولكن علي مستوي القارئ العالمي فأنا معروف كروائي لأن روايتي كانت أكثر حظاً في الترجمة عن باقي الأعمال الأدبية. في كتاباتي أعمل دائماً علي إبراز الهوية و الثقافة البرتغالية ،لكني في ذات الوقت أحاول أن أكتبها بطريقة عالمية بأن أجعل الطبيعة الإنسانية هي محور رواياتي.


حصلت علي جائزة "سارماجو لأدب الشباب" علم 2001 عن روايتك الأولي " نظرة فارغة"، صف لي لحظة علمت بنبأ الفوز؟
هي لحظة لا يمكنني أن أنساها، شعرت بزهو لا يوصف، فمن جهة شعرت بالرضا بأن أحصل علي جائزة كبيرة عن أولي رواياتي التي لم أتوقع أبداً أن تحصل علي أي جائزة، و من ناحية أخري علي المستوي الشخصي شعرت الفخر أن يقرأ أديب عظيم لشاب في السابعة و العشرين- كان هذا عمري آن ذاك- كانت فرصة رائعة أن أكون محل اهتمامه و أن أتلقي منه نصائح لا أنساها أبداً.

" ليس لدي أي شك انه كاتب عظيم" هذا رأي الكاتب البرتغالي ساراماجو المكتوب علي غلاف رواية " مقبرة البيانو"، إلي أي مدي تأثرت بأدب صاحب نوبل؟
لأكون صريح معك، لم تتأثر كتاباتي بأدب سارماجو فقط و إنما تأثرت كذلك بشعراء برتغاليون كثيرين. أذكر أني بدأت في قراءة روايات سراماجو في سن صغيرة، كان في إحدي رواياته قد قدم وصفاً المدينةالتي ولد بها، أخذني وصفه و أذهلتني قدرته علي وصف المكان بأسلوب مشهدي و لغة قوية.

تعد من أبرز الكتاب البرتغاليين الشباب الذين يحصلون علي جوائز عالمية، ألا يضعك هذا تحت ضغط نفسي خاصة أن اسمك يقترن دائماً باسم سارماجو؟
علي الكاتب تحمل المسؤوليات التي تقع عليه ككاتب سواء أثناء مرحلة الكتابة أو في مرحلة النشر. فالكاتب حين ينشر عمله عليه أن يفكر في ما سيقدمه بخلاف ما تم نشره من قبل، عليه أن يسأل إذا كان كتابه يستحق أن ينشر أم لا. بالإضافة إلي ان بدأ عملية النشر ينقل جزء من مسؤولية تقييم مدي أهمية الكتاب لأشخاص آخرين. لذلك علي الكاتب أن يكون مؤمناً تماماً بما ينشره و هو الجزء الأكثر ضغطاً علي الكاتب. أما عن اقتران اسمي بكاتب كبير مثل سارماجو فهو مصدر فخر بالنسبة لي.

عودة إلي أعمالك الأدبية، "الترياق" أو The Antidote"" مشروع استثنائي قمت به عام2003 و لاقي استحسان الكثيرين، حدثنا عنه؟
هو عبارة عن مجموعة قصصية كتبتها استنادا علي أغنيات فرقة موسيقية أسمها " سحر القمر"، أثناء مرحلة الكتابة قامت الفرقة بتلحين عدة ألحان، حين أنهينا المشروع أصدرنا الكتاب و السي دي تحت نفس الاسم. و أعتبر هذا المشروع من أهم الأعمال التي أفادتني و الفرقة و ساهم كثيراً في انتشارنا.

تم ترجمه أعمالك لثمانية عشر لغة، كيف تقيم هذه الخطوة بعدما صار لك قراء من ثقافات مختلفة؟
رغم أني أكتب عن الواقع في البرتغال إلا أني أشعر أنها مرتبطة بشكل ما بالواقع العالمي و هي وجهة نظر أكثر من قارئ، رغم وجود بعض التفاصيل التي تختلف من ثقافة إلي أخري و لكن تبقي التجربة الإنسانية عالمية.

كان لروايتك " مقبرة البيانو" أثر عظيم في تثبيت أسمك كأديب عالمياً، حدثنا عنها؟
هي رواية تتحدث عن عدة أجيال من أسرة واحده حاولت من خلالها أن أعكس عدد من الأسئلة عن الوقت، العلاقات الأسرية والموت و استخدمت شخصية حقيقة كمدخل للرواية و هو العداء البرتغالي فرانسيسكو لازارو الذي توفي أثناء الماراثون في دورة الألعاب الأولمبية بستوكهولم عام 1912.

أستخدمت في هذه الرواية نفس طريقة السرد بين الأب و الابن و كان كلاهما يتحدث عن تجربته في الزواج و الإنجاب، ألا تري أن تلك الطريقة ربما تسبب التباس لدي القارئ بحيث لا يعرف تماما من الذي يتحدث في هذا الجزء؟
هذا تماما ما تعمدت أن أضيفه للبناء السردي في النص، أردته أن يكون دائرياً بحيث يصبح الآباء أبناء أولادهم، كنت أريد أن أطرح فكرة تمثل لي أهمية كبري و هي أن هناك بعض الأشياء الهامة تمر من جيلا لأخر، و كانت هذه طريقتي لإبراز وجهة نظري بان الوقت لا نهائي و أن الماضي و المستقبل يتلازمان مع الحاضر.

أكثر ما يميز هذه الرواية أن جملك كانت ذات أسلوب غنائي و موسيقي، هل تعتقد أنك متأثر بالشعر في كتاباتك النثرية؟
هذا حقيقي، فالشعر مهم جداً بالنسبة لي، ليس فقط لأني لا أمل قراءة الدواوين و لأني أمارس كتابته يومياً، بل أيضاً لأننا لا يمكن أن نتغاضي عن التجربة الثرية لبعض شعراء القرن العشرين بدأ من فرناندو بيسوا في البرتغال. بالإضافة إلي إعجابي الشديد بكون الشعر يكرس الكلمة، فالقصيدة المكونة من أربعة أبيات توازي في كثافة معانيها رواية من مائتي صفحة.

إلي أي مدي استخدمت الواقعية السحرية في روايتك الأولي " نظرة فارغة" و هل تأثرت بأدب أمريكا اللاتينية؟
يري البعض أني استخدمتها بل و صاروا يميزون الرواية بها، رغم أني لا أوافق تماماً علي هذا الرأي، لأني أحاول دائماً أن يكون بناء الرواية من وجهة نظر أسطورية و ليس كما يظن البعض سحرياً أو عجائبياً. و إن كنت أجد كثيراً من التشابه في طريقة الكتابة مع كتاب أمريكا اللاتينية و خاصة الكاتب خوان رولفو رغم أني لم أقرأ أعماله إلي عقب صدور الرواية.

هل قرأت لكتاب عرب؟
نعم، غير أني أشعر أن ما قرأته قليلاً و غير كاف، أعتقد أن السبب في ذلك هو قلة الترجمة الأدبية للغة البرتغالية و العكس.

بما أنك مهتم بفكرة التبادل الثقافي بين البرتغال و الدول العربية ألم تفكر في ترجمة أعمالك للغة العربية؟
هناك مجموعة قصصية أعددتها خصيصاً للنشر في المملكة المغربية عام 2011 و أتمني أن يحدث هذا بالفعل. فترجمة أعمالي للعربية أمر يهمني، ويسعدني ويشرفني. ربما لأن للعرب تأثير في المنطقة التي نشأت بها.
تكتب ، الشعر، المسرح، الأغاني بالإضافة إلي المقال في أي من هذه المجالات تجد نفسك أكثر؟
الشعر مهم بالنسبة لي و كذلك المقال الذي أكتبه باستمرار في إحدي الجرائد و يأخذ جزء كبير من وقتي، لكن إذا وضعت في الاختيار، سأختار الرواية فأنا بالأساس روائي.

ما الذي يلهم الكاتب جوزيه بيكسوتو ؟
كل شئ يمثل بالنسبة لي إلهاماً، لا يمكنني أن أذكر شيئاً بعينه و أعتبره ملهمي الوحيد، الحياة بالنسبة لي المادة الأساسية هي للكتابة والإبداع و منها يأتي الطموح.

حدثني عن أحدث مشاريعك الأدبية؟
صدر لي قبل ثلاثة أشهر رواية بعنوان "ليفراو"، و الآن أصبح لدي الوقت لأفكر في الجديد، لست مستعجلاً للبدأ في هذه الخطوة ففي كل مرة يكون لدي حافراً لبدء مشروع أكبر. 

هالة البدرى .. عين أخرى على العراق

«مطر على بغداد» عنوان أحدث روايات الكاتبة هالة البدرى. الرواية صدرت مؤخراً عن دار المدى وتدور أحداثها فى فترة السبعينيات وتناقش الظروف الاجتماعية والسياسية لدولة العراق فى هذه الحقبة. تعمل البدرى مديرا لتحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، وصدر لها عدة أعمال أدبية ما بين الرواية والقصة مثل رواية «السباحة فى قاع قمقم» عام ١٩٨٨ ورواية «ليس الآن» عام ١٩٩٥ والمجموعة القصصية «رقصة الشمس والغيم» ١٩٨٩، كما أصدرت كتباً متخصصة مثل «المرأة العراقية» عام ١٩٨٠. التقينا الكاتبة وتحدثنا معها عن أجواء الرواية التى استغرقت كتابتها ثمانى سنوات.


 حوار : نسرين البخشونجى    

■ «نورا سليمان» بطلة الرواية صحفية مصرية تعمل مراسلة لإحدى المجلات مثلك تماماًَ، حيث كنت مراسلة مجلة روزاليوسف بالعراق فى السبعينيات، ألم تخشين الوقوع فى فخ الكتابة الذاتية؟
- المسألة بسيطة جداً، فالكاتب عليه أن يستفيد من تجاربه وقد عشت فى العراق حوالى ست سنوات وشهدت هذه الفترة تطوراً سريعاً جداً على عدة مستويات مثل السياسية والاقتصادية والثقافية، وكانت جاذبة للمثقفين والراغبين فى العمل بسبب الأحداث السياسية فى هذا الوقت فى معظم الدول العربية والتى كانت سبباً فى هجرة هؤلاء البشر إلى دول عربية أخرى. لذلك شعرت بأهمية تقديم هذه الفترة فى عمل روائى خاصة أن معرفتى بهذا العالم ستساعدنى على تقديم صورة واقعية لهذه الحقبة الزمنية فى دولة شديدة الأهمية ومع ذلك لم أقدم سيرتى الذاتية لكنى منحت تجربتى الصحفية لنورا بطلة الرواية وهو أمر طبيعى.


■ شهدت الرواية معلومات مكثفة عن العراق وشعبه ألا تشعرين أنها جاءت على حساب النص الأدبى؟
- بالفعل قدمت معلومات كثيرة فى النص لأن الرواية الحديثة لم تعد سرداً لقصة حب أو حادثة مر بها البطل وإنما صارت فناً معقداً جداً ويعكس حياتنا اليومية بشكل فنى، ولكن تبقى مسؤولية الكاتب الأساسية هى تقديم عمل أدبى، ومن المستحيل أن يترك رغبته فى تقديم معلومة على حساب السرد فى النص الأدبى لأن الأولوية للفن وليس للمعلومة. أنا لم أقدم المعلومة على حساب الفن بل سعيت لتقديم بناء سردى مختلف تماماً ولم يقدم على الإطلاق فى أى رواية وقدمت قدر ما أستطيع نوعاً من الفن أنا راضية عنه.


■ «هذه الرواية ليست نصاً واقعياً، وأبطالها من صنع الخيال وحده» هكذا كتبتى فى بداية هذا العمل ولكنك ذكرت داخل النص ذاته أسماء لعدد من المثقفين، الصحفيين والسياسيين، ألا يعد ذلك تناقضاً؟
- هذا صحيح، لكن إذا قرأت نصاً به اسم شارع أو مثلاً ندوة لشخصية عامة لا يعتبر ذلك تجاوزاً بل إن دمج الأماكن والأسماء الحقيقية بداخل النص المتخيل يعزز واقعيته وقيمته، وبالتالى بأن استخدامى لهذا الأسلوب ليس تناقضاً لأن المذكورين ليسوا أبطال الرواية. ولقد قمت بتوثيق أحداث معينة بداخل الرواية حتى إن بعض النقاد لقبوها بـ«الرواية الوثيقة» وربما لهذا السبب استغرقت كتابة هذه الرواية ثمانى سنوات.


■ استغرقت كتابة الرواية ثمانى سنوات وتأخرت طباعتها مدة طويلة هل تسبب ذلك فى إزعاجك؟ وما الذى دفعك لنشرها الآن؟
- منذ ثمانى سنوات بدأت أرى الدمار الذى يحدث فى العراق سواء بسبب الحرب الأهلية أو الاحتلال لبلد له حضارة مهمة فى التاريخ الإنسانى، لذا كان من المهم معرفة الأسباب التى أدت لقيام الحرب، شعرت وقتها بأهمية تقديم المواطن العراقى فى صورته الحقيقية رغم تعدد الطوائف والأعراق وضرورة تقديم وجهة نظر أخرى تحلل الأحداث غير تلك التى قدمها وسيقدمها المبدعون العراقيون فالعين الغريبة ترصد أحيانا ما لا يراه الآخرون من أبناء الوطن.
وحين ينتهى الكاتب من عمله يسعى بكل جهده أن يرى النور فى أقرب وقت ولكن تأخر طباعتها ثم صدورها فى وقت حرج حيث ينشغل الناس بالثورات التى اجتاحت العالم العربى جعلنى أشعر بأن «مطر على بغداد» رواية غير محظوظة. لكنى متأكدة أن العمل الجيد يتغلب على الصعاب التى تواجهه.

أدريانا ليسبوا: أدباء أميركا الجنوبية عيونهم على الخارج

حوار: نسرين البخشونجي 

أدريانا ليسبوا روائية وشاعرة برازيلية ولدت بمدينة ريو دي جينيرو عام 1970. صدر لها عدة روايات آخرها «غراب أزرق» عام 2010. نالت عن روايتها الثانية «السيمفونية البيضاء» عام 2001 جائزة «سراماجو لأدب الشباب»، كما صدر لها مجموعة قصصية وديوان شعري وثلاثة كتب للأطفال. اختيرت ضمن أفضل كاتبات أميركا اللاتينية تحت سن 39 عاماً 2007. تم ترجمة أعمالها لعدة لغات مثل الفرنسية، الإيطالية واليابانية، والصربية وتصدر في الإنجليزية العام القادم عن دار بلومزبري. درست الموسيقى وعملت كمغنية جاز فرنسا، ثم نالت درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب البرازيلي، وعملت كأستاذة زائرة بعدة جامعات. استقرت منذ عدة سنوات بالولايات المتحدة الأميركية. عملت في مشروع لترجمة أشهر الحكايات الشعبية والخرافية من كل بلدان العالم والتي صدرت في أربعة مجلدات عام 2011 في البرازيل، كما ترجمت مجموعة قصصية لوييلز تاور باسم «كل شيء خراب، كل شيء أحرق» ورواية لبيتر كاري باسم «باروت وأوليفار في أميركا».



تكتبين الرواية، القصة القصيرة والشعر إلى أي مدى ساهم تعدد أسلوبك الإبداعي في وصولك لشريحة أكبر من القراء؟

- حتى أكون صريحة معك، الرواية هي أكثر الأشكال الإبداعية التي يهتم بها الناشرون والمترجمون، فمعظم دور النشر الأجنبية لا تلتفت للكتاب البرازيليين الذين لا يكتبون الرواية، بل وحتى دور النشر البرازيلية تفضل نشر الرواية عن أي شكل إبداعي آخر. لذلك فإن الكتابة في أكثر من مجال اختيار شخصي، ليس له علاقة بسوق الكتب.



«لغة راقية» جملة قرأتها كثيراً وأنا أقرأ عن رأي النقاد والقراء في كتاباتك، هل حسك الشعري أثر على كتاباتك النثرية؟

- للأمانة، لم أقصد أبداً أن أكون «راقية» في كتاباتي، كذلك لا تشغلني فكرة أن يكون ما أكتبه ذا أسلوب شعري أو مؤثر، وإنما أهتم بأن أكتب وفقط. في البداية كنت أقرأ الشعر كثيراً وبالتالي كان الشعر هو أول ما كتبت وربما لهذا السبب أستخدم الأسلوب الشعري دون قصد ومع ذلك فكل ما أهتم به حين كتبت رواياتي الأولى أن يكون الأسلوب بسيطاً.

هل تذكرين أول تجربة إبداعية خضتها؟

- نعم، كان ذلك في مرحلة مبكرة من عمري، كنت في التاسعة حين طلب مدرس الشعر في مدرستي بريو دجينيرو أن نكتب قصيدة. وجدته أمراً ممتعاً جداً حتى أنني لم أكتب قصيدة واحدة كما طلب المدرس، بل ربما مئات القصائد. بعدها جربت أن أكتب القصص القصيرة ومن وقتها لم أتوقف عن الكتابة.



™إلى أي مدى أثر أدب بوللو كويللو بك كقارئة وكاتبة؟

- في الحقيقة لم أقرأ لهُ أبداً. في البرازيل، لا يعتبر كويللو كاتباً برازيلياً بقدر ما هو ظاهرة عالمية، فهو لا ينتمي للأدب البرازيلي، حيث اعتمد على تقديم عالمه الخاص في رواياته. أحترم ما وصل لهُ عالمياً ومؤمنة بذكائه، حيث استطاع أن يقدم ما يريد أن يقرأه الناس، لكن بشكل عام أسلوبه لا يعجبني. 



™حصلت على جائزة «سارماجو لأدب الشباب» عن روايتك «السيمفونية البيضاء» حدثينا عن شعورك حين تلقيت خبر الفوز؟

- كان شعوراً رائعاً، لأن سارماجو كان أحد أهم الكتاب الذين أقراء لهم وهو أكثر الكتاب الذين أكن لهم احتراماً. كنت أول سيدة تحصل على هذه الجائزة، كما أنني أول من حصل عليها من خارج البرتغال. فرحت كذلك بالجائزة لأنها منحتني فرصة لزيارة البرتغال ومقابلة سارماجو شخصياً.



بما أن سارماجو كاتبك المفضل، حدثينا عن تأثيره عليك؟

- أول مرة قرأت لهُ كنت في التاسعة عشرة من عمري حين وقعت إحدى رواياته صدفة في يدي في البداية شعرت أن أسلوبه صعب لكن بعد فترة أحببت كتاباته حتى أنني أقرأ رواياته أكثر من مرة على فترات متباعدة. أما على المستوى الشخصي فهو إنسان خلوق، مؤمن بما يفعله، ظل طوال حياته ثابتاً على آرائه السياسية لذلك هو يستحق كل التقدير والاحترام، لأنه لم يصب مثل كتاب كثيرين يصابون بالغرور.


صدر لك ثلاثة كتب للأطفال، إلى أي مدى يعتبر هذا المجال صعباً؟

- صعب جداً، لأن على الكاتب أن لا ينقل نصائح أو أيديولوجيا معينة، لكن دوره الوحيد أن يساهم في دعم الجوانب الإبداعية لدى الطفل، علينا أن نعطيه ما يحتاجه ليحلم، ليطير بخياله بقدر ما يستطيع ومن المهم جداً أن لا نستخدم أدب الطفل في رسم أفكارنا ككبار، لكن في ذات الوقت علينا أن ندعم أفكاراً مثل الحرية، الاحترام، الرحمة. وأهم شيء لابد أن يكون ما نكتبه واضحاً ومفهوماً لهم.



قدمت أميركا اللاتينية كتاباً كباراً مثل ماركيز أثروا الحياة الأدبية عالمياً، إلى أي مدى يسعى شباب الكتاب لأن يكون لهم دور عالمي؟

- أعتقد أن شباب الكتاب في أميركا اللاتينية أو على الأقل في البرازيل لا يهتمون كثيراً بالشأن الداخلي بقدر ما سيطرت الرغبة في العالمية على كتاباتهم، حتى حين يكتبون في قضايا محلية مثل قضايا المخدرات والعنف والفقر يكتبونها دون استخدام الأسلوب المحلي وكثير من هؤلاء الكتاب لا يكتبون عن البرازيل من الأساس. بشكل عام، أعتقد أن الدور الحقيقي لن يتم إلا عن طريق من يحاولون بصدق الكتابة عن المشكلات المحلية بأسلوب عالمي.



تم اختيارك كواحدة من أهم الكتاب في أميركا اللاتينية تحت سن التاسعة والثلاثين، كيف أثر هذا الاختيار عليك؟

- كان ذلك عام 2007 ضمن فعاليات مهرجان «هاي» لاختيار مدينة «بجوتا» بكولومبيا عاصمة عالمية للكتاب من قِبل منظمة اليونيسكو. كانت فرصة رائعة أن أزور كولومبيا مرتين، تعرفت هناك على عدد من كتاب أميركا اللاتينية الرائعين الذين لم أقرأ لهم من قبل مثل «اليخاندرو زامبرا» من شيلي، «بيلار كوينتانا» من كولومبيا، «أندريس نيومان» من الأرجنتين، «جوادالوبي نيتي» من المكسيك. بالنسبة للبرازيل كان هذا الاختيار مهماً، لأننا لأسباب كثيرة أهمها اللغة معزولون عن باقي القارة.

تم ترجمة أعمالك لعدة لغات منها الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية واليابانية، ألم تتلقِ أية عروض للترجمة للغة العربية؟

- للأسف لا، وإن كنت أتمنى أن يحدث هذا جداً، ففي رأيي اللغة العربية ليست فقط لغة مهمة عالمياً وإنما تعد من أكثر اللغات الغنية بالمفردات.



كمترجمة، إلى أي حد يجب أن يتميز المترجم بحس إبداعي أثناء ترجمة الأدب؟

- أقل من أن يذكر، فالمترجم الجيد يجب أن يكون متواضعاً ومحترماً، أن يكون دوره شفافاً غير مرئي. دوره الوحيد أن يعيد خلق الأفكار المكتوبة بلغة أخرى، حتى وإن كانت إحدى الفقرات مكتوبة بشكل سيئ في النص الأصلي يجب أن تكون كذلك في الترجمة، لأن التصحيح ليس من شأن المترجم. 



لمن تقرأين من الكتاب الجدد؟

- من البرازيل يوجد «رودريجو اسيردا، أندري دي ليونيز، فيرونيكا ستيجر، وكلاوديا لاجي. ومن خارج البرازيل يوجد الكثيرون مثل اليخاندرو زامبرا من شيللي، كارلا سوريز من كوبا، فيليبا ميلو وجونزالو م. ترافاريس من البرتغال ومن أميركا نيكول كراوس وجولي أورينجر، ويللز تاور». 



هل قرأت لكتاب عرب؟

- في البرازيل تعد «ألف ليلة وليلة» من الأعمال الشهيرة التي يقبل عليها الجميع ولها عدة طبعات للأطفال والكبار كما يتم تدريسها في الجامعات. قرأت كذلك لنجيب محفوظ وللشاعر علي محمود طه الذي أعشق كتاباته، هناك كاتبة تدعى ليلى لالامي هي عربية تكتب بالإنجليزية. للأسف ليس لدي قراءات كثيرة للأدب العربي وإن كنت قد بدأت مؤخراً في التعرف عليه من خلال الكاتب الأرجنتيني «جورج لويس بورجيز» الذي تخصص في كتابة قصص قصيرة تدور في البلاد العربية وتوضح الثقافة الإسلامية.

روجر ألن: النقاد العرب يعانون مشكلة مع الروايات الشعبية

حوار   نسرين البخشونجى    ١٣/ ٥/ ٢٠١٠
روجر ألن مترجم إنجليزى الأصل، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث يعمل أستاذاً بجامعة بنسلفانيا. بدأ الاهتمام بترجمة الأعمال الأدبية المعاصرة عام ١٩٦٠ إذ ترجم العديد منها للغة الإنجليزية مثل رواية «السفينة» لجبرا إبراهيم جبرا، و«النهايات» لعبدالرحمن منيف، و«دنيا زاد» لمى التلمسانى، وترجم «ألن» عدة أعمال لنجيب محفوظ، وكانت المجموعة القصصية «دنيا الله» أول عمل يترجمه لمحفوظ عام ١٩٦٧ كما ترجم له ٥ روايات منها «المرايا». «المصرى اليوم» أجرت معه هذا الحوار..
■ على أى أساس تختار الأعمال التى تترجمها.. وما الآليات التى تعتمدها؟
- يعتمد اختيارى للنصوص التى أترجمها على عدة عوامل، أهمها أن أكون على معرفة شخصية بالكاتب وأتكلم معه ونتفاهم فى ما يخص العمل وأناقش الأفكار.
عموماً كل الروائيين الذين ترجمت لهم قالوا إنهم يثقون بى وأننى أعلم منهم باللغة الإنجليزية، إلا جبرا إبراهيم جبرا الذى يعرف الإنجليزية والأدب الإنجليزى ربما أفضل منى. وترجمت له مع عدنان حيدر رواية «السفينة» التى تعد رواية أصوات «بها عدة شخصيات يتكلمون»، وحينما قرأها جبرا اعترف بأن النص الإنجليزى أفضل من العربى.
■ فى رأيك.. ما أسباب سوء حركة ترجمة الأعمال العربية للغات الأجنبية مقارنة باهتمام العرب بترجمة الأعمال الغربية؟
- أعتقد أن حركة الترجمة من الغرب للعربية بالفعل أقوى بكثير من اهتمام الغرب بترجمة الأعمال العربية بسبب اهتمام العرب بالغرب نتيجة النهضة الحضارية من جانب، ومن جانب آخر عدم اهتمام المتخصصين فى العالم العربى بترشيح الأعمال الجيدة للترجمة، حتى وإن حدث ترشيح عادة ما يكون دون إجماع وهو ما يجعل المترجم فى حيرة ولهذا السبب أقوم بترجمة ما أحبه فقط.
■ وما الاقتراح الذى تقدمة لحل هذه المشكلة؟
- لابد من إنشاء مؤسسة يكون لها دور حقيقى فى عملية الترشيح لترجمة أفضل الأعمال الأدبية بشرط أن يكون هذا الرأى موحداً، لأن الأمر يحتاج إلى جهود مؤسسات وليس أفراد بحيث تكون عملية انتقائية ومنظمة حتى لا تقع المسؤولية بالكامل على المترجم، فهو كفرد يعرف أقطاراً معينة من الوطن العربى وليس كله.
■ إذن أنت ترى أن عملية الترجمة منوطة بالعرب لأنهم يهتمون بترجمة أعمالهم وليس العكس؟
- نعم، على العرب أن يهتموا بعملية الترجمة بأنفسهم ولابد من بذل جهود كافية لهذا الأمر.
■ ألا ترى أن هناك اهتماماً بترجمة أعمال بعض الأدباء المعاصرين مثل علاء الأسوانى؟
- نعم، هناك اهتمام من قبل بعض دور النشر فى هذه المسألة إذ يسعون لترجمة بعض الروايات لكتاب مثل علاء الأسوانى، ورجاء الصانع وأحلام مستغانمى لسبب بسيط هو أن تلك الروايات شعبية تباع بمئات الآلاف من النسخ سواء فى العالم العربى أو فى الدول الغربية.
■ وكيف تقيِّم هذه المبيعات المرتفعة على الرغم من أن كتاباً آخرين مثل رضوى عاشور وإبراهيم الكونى يبيعون بالمئات؟
- هى بالفعل ظاهرة تجعلنى أتساءل عن حال الرواية العربية فهى جنس أدبى لابد أن يتطور، فهل رواية «شيكاغو» لعلاء الأسوانى مثلاً تعد تطوراً لروايات نجيب محفوظ، إلياس خورى، إدورد الخراط وجمال الغيطانى، لا أعرف.
■ ربما لأن رواية «شيكاغو» تدور أحداثها فى أمريكا؟
- ولكن موضوع الرواية الأساسى عن طلبة الدراسات العليا المصريين، وأعتقد أن النظرة التى قدمها علاء الأسوانى فى هذه الرواية كانت سلبية تماماً.
■ رغم هذا النجاح العالمى هناك من يشكك فى القيمة الأدبية للروايات الشعبية؟
- الروايات الشعبية ظاهرة عالمية جديدة وأراها جيدة. لكن هناك مشكلة حقيقية عند النقاد العرب فى مسألة تقييم العمل الأدبى، فأنا مازلت لا أفهم على أى أساس يقيم النقاد تلك الروايات، هل بقيمتها الفنية، كأن تكون نخبوية مثلاً أم بعدد مبيعاتها.
 فعلى سبيل المثال الكاتب دان براون وروايته الأشهر «دافينشى كود» تباع بالملايين على مستوى العالم ومع ذلك ليس هناك مقال نقدى واحد عنها ولكن هذا لا يقلل من نجاحها.
 باختصار هناك حالة نفور بين النقاد العرب والروايات الشعبية لأنهم لا يريدون أن يتقبلوا تطور الرواية وطبيعة ما يقبل عليه القراء.
■ ما رأيك فى أدب الشباب فى مصر؟
- لسوء حظى لم أقرأ أدب الشباب إذ لم تتوفر نسخ من كتبهم لى كمترجم، وهذا يؤكد وجهة نظرى فى مسألة تقييم النصوص التى تصدر إلى المكتبات الجامعية فى الغرب لكى يتسنى للمترجمين الاطلاع عليها وبالتالى يفكرون فى ترجمتها. باختصار أدب الشباب من الأمور المجهولة بالنسبة لى كمترجم.
■ ما آخر مشاريعك فى مجال الترجمة؟
- لدى مشروع لترجمة بعض روايات جورجى زيدان وانتهيت من ترجمة «فتح الأندلس». لكن علىَّ أن أقول إن تكنيك هذه الرواية قديم حيث يفسر الكاتب كل شىء، ويوضح للقارئ آراء كل شخصية، كما لديه بعض التعليقات فيما يخص العقائد والتقاليد. كذلك أنا الآن مهتم جداً بالروايات التاريخية بالإضافة إلى رغبتى فى ترجمة الروايات المغربية.